هل تعلم ما الحكمة في إخفاء موت سيدنا سليمان؟

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!
Advertissement

سيدنا سليمان عليه السلام من الأنبياء الذين ذكرهم القرآن الكريم، لكثرة المواقف والعبر المستفادة من قصصه مع قومه، ومراحل دعوته وحياته بجميع تفاصيلها، وقد أعطى الله سبحانه وتعالى لسيدنا سليمان عليه السلام مزايا فريدة، وصفات لم توجد في غيره من الأنبياء والرُّسل؛ حيث كان يتولّى الحكم، وقد فهَّمه الله لغة الطير، قال تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)،[١] وكان قادراً على التحكّم بالكثير من المخلوقات والكائنات كالإنس والجن والرياح والنحاس الذي يَلين بين يديه، قال تعالى: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ* يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)،

وبعد وفاة سيدنا سليمان لقد بقي خبر وفاته مخفيا لبعض الوقت،فما الحكمة في إخفاء وفاته؟

من قصص سيدنا سليمان قصته مع النمل،كان سليمان يسير بجيشه من الجن والإنس، فسمع صوت نملة تنصح زميلاتها بالابتعاد عن طريق جند سليمان خوفاً من أن يحطمهنَّ الجيش دون أن يرونهنّ، قال تعالى: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)، فتبسَّم نبي الله سليمان عليه السلام من قول تلك النملة، وسعادةً بما آتاه الله من فهم كلام الحيوانات والطيور والدواب، ثم رفع يديه إلى السماء داعياً ربه شاكراً له على هذه النعمة،وجاء في الآية الكريمة: (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ)؛ لأنَّ ضحِكَ الأنبياءِ يكون غالباً تبسُّماً،

وقد ذكر السدي خبراً عن أبي مالك وعن أبي صالح رَوياه عن ابن عباس، وعن مُرة عن ابن مسعود، وعن جماعة من الصحابة أنّ سليمان -عليه السلام- كان يتجردُ في بيت المقدس مدةً من الزمن، فكان في كلّ مرةٍ يُصبح فيها يجدُ شجرةً قد نبتت في بيت المقدس فيسألها عن اسمها فترد عليه، فإن كانت نبتةً للغراسِ غرسها، وإن كانت للدواء جعلها دواءً لكذا وكذا، وحصل أن نبتت يوماً نبتةٌ اسمها الخروبة فسألها سليمان: لأي شيء أنتِ؟ فقالت: أنا لِخرابِ بيت المقدس. فأيقن سليمان أنّها ما نبتت إلّا لهلاكه ثمّ خراب بيت المقدس، فنزعها من مكانها ثمّ زرعها في حائطٍ له، ثمّ عكف على عبادته في بيت المقدس متكئاً على عصاه حتى أدركته المنية وهو على هذا الحال، ولم تعلم الشياطينُ بخبر وفاةِ سليمان إلّا حينما دخل شيطانٌ من كوةٍ في بيت المقدس فاطّلع على سليمان -عليه السلام- فوجده قد خرَّ ميتاً بعد أن أكلت الأرَضَةُ عصاه التي كان يتكئ عليها، وقد كانت الشياطين إذا تسلَّلَت ونظرَت إلى سليمان احترقَت فأدركتِ الشياطينُ وفاته بعد أن ظلت سنةً كاملةً من العذاب والعملِ المهين، قال تعالى: (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ)،

Advertissement

والحكمة من إبقاء وفاته أمرت مخفيا،فقد ذكر القرطبي في تفسيره أنّ أول من بنى بيت المقدس هو داود -عليه السلام-، وقد مات ولم ينته من بنائه، فأوصى سليمان -عليه السلام- أن يستكمل بناءه، فأمر سليمانُ الجن أن يُتموا بناءه وكانوا منقادينَ له، وحينما دنت وفاة سليمان طلب من أهله ألّا يخبروا الجن بوفاته سنةً كاملةً حتى يستكمل الجن بناء بيت المقدس، وقيل أنّ سليمان -عليه السلام- دعا ربه أن يُعمي عن الجن خبر موته حتى تعلم الإنسُ وتُوقن أنّ الجن لا يعلمون الغيب، ولو كانوا يعلمونه ما لبثوا في العذاب المهين سنةً كاملةً،

‫0 تعليق