هل تعلم كيف سيكون بيتك،وشكل غرفتك وفراشك في الجنة؟

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!
Advertissement

إن لمصطلح الجنّة معنيان لغةً واصطلاحاً، فمعنى الجنّة في اللّغة: البستان، وهي النّخيل كما يسمّيها العرب، وجمعها جِنان، أمّا اصطلاحاً: فهي الجزاء الذي أعدّه الله -تعالى- للمؤمنين الذين أطاعوه فيما أمر، وتجنّبوا ما نهى عنه، وما لهذا الجزاء من نعيمٍ لا ينضب، وسعادةٍ لا تنتهي، وللجّنة أسماء متعدّدة، منها: جنّات عدن، ودار السّلام، ودار الخلد، ودار المقامة، وجنّة المأوى، وجنّات النّعيم، والمقام الأمين، ومقعد صدق، والفردوس، وقد وردت هذه الأسماء في بعض الآيات الكريمة في القرآن الكريم،تتعدّد وتتنوّع صفات الجّنة، والنّعيم المتواجد فيها، فكلّ ما يشتهيه العبد يجده في هذه الدار التي جعلها الله -تعالى- لعباده الصالحين،فكيف يكون شكل بيت وغرفة المؤمنين في الجنة وكيف يعيشون الحياة الأبدية؟

والجنة كما ورد في وصفها لا مثيل لها، هي نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد، وفاكهة ناضجة, وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة. ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه قال: قلنا يا رسول اللَّه: مم خُلقت الجنة؟ قال:)” من الماء” قلنا: أخبرنا عن بناء الجنة؟ قال: ) “لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها: أي طينها، المسك الأذفر وترابها الزعفران وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، ومن يدخلها ينعم ولا ييأس، ويخلد ولا يموت ولا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه.”

وصدق الله حيث يقول:” إذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا”،وما أخفاه الله عنا من نعيم الجنة شيء عظيم لا تدركه العقول، ولا تصل إلى كنهه الأفكار،يخبرنا القرآن أن المؤمنين الأتقياء لهم الجنّة خالدين فيها، ثم يبيّن لنا أن الجنّة ليست مجرد روضة أو بستان بالمفهوم المتعارف عليه، بل يوجد فيها قصور ومساكن وبيوت وخيام سيعيش داخلها المؤمنون أثناء حياتهم الخالدة في الجنّة، ووصف القرآن منازل المؤمنين في الجنّة في سورة التوبة 72:9 قائلاً: “وَعَد الله المؤمنينَ والمؤمناتِ جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهارُ خالدين فيها ومساكِنَ طيِّبة في جنّاتٍ عدنٍ ورضوان من الله اكبرُ ذلك هو الفوزُ العظيم” فهي مساكن طيّبة، أي حسنة البناء طيّبة القرار. ووصف القُرطبي هذه المساكن بقوله: “إنَّها قصور من الزبرجد والدُّر والياقوت يفوح طيبها من مسيرة خمسمائة عام”. وهكذا سينال المسلم التّقي في الجنّة قصراً مصنوعاً من الأحجار الكريمة، بدلاً من الخيام الخشنة في الصّحراء، أو بيوت الطّين في مكّة القديمة، أو بيوت الباطون المسلّح في القرن العشرين، بل قصور الزبرجد والدّر والياقوت، وهو وصف يأخذ بلباب السّامعين. وأطلق القرآن على مساكن المؤمنين في الجنّة اسم الغرف، ومفردها غُرفة، وهي العليّة المشرفة. وجاء ذلك في سورة العنكبوت 58:29 “والَّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لَنُبوَّئنَّهُمْ من الجنّةِ غُرَفاً” وفي سورة سبأ 37:34 “وهم في الغُرُفات آمنون” ففي غرف الجنّة، أي قصورها المعدة للمؤمنين يتوفر الأمان الدائم من الموت والعذاب والأمراض والأحزان، بل ومن الحروب والغزو والنهب والسَّلب والدَّمار، لأن هذه حالة بيوت الدنيا وخيامها وقصورها. ولكن القرآن يضيف إعلاناً آخر حول هذه الغرف في قوله في سورة الزُّمرَ 20:39 “لكنَّ الّذين اتقوا ربَّهُم لَهُم غُرَفٌ من فوقها غرفٌ مَبْنيّةٌ” فالغرف على مستويات مختلفة، لأن “الجنّة درجاتٍ يعلو بعضها بعضاً” كما أمد النبي محمد ومفسّري القرآن من بعده.

إضافة إلى المساكن والقصور والغرف، ذكر القرآن وجود خيام في الجنّة، في سورة الرحمن 72:55 “حورٌ مقصوراتٌ في الخيام”، وهكذا فالحور العين مستورات في خيام الجنّة، وقد وصف النبي محمد خيام الجنّة في حديثٍ معروف قال فيه: “إنَّ للمؤمن في الجنّة لخيمةً من لُؤلُؤةٍ واحدةٍ مجوّفةٍ. طولها سِتّون ميلاً، للمؤمن فيها أهلٌ يطوفُ عليهم المؤمن فلا يرى بعضُهم بعضاً” وفي رواية أخرى: “إن في الجنّة خيمةٌ من لؤلؤة مجوّفة عرضها ستون ميلاً في كل زاوية منها أهلٌ ما يرون الآخرين يطوف عليهم المؤمن” (رواهما مسلم والبخاري) فالخيمة ليست من وبر الإبل أو صوف الغنم، بل من اللؤلؤ الباهر الثَّمين. كذلك وصف النبي غرف الجنّة، ومما قاله: “إن أهل الجنّة ليتراءَوْنَ الغرفة في الجنّةَ كما تراءَوْن الكوكب في السَّماء” (رواه مسلم) وقال أيضاً “إنَّ في الجنّة لغرفاً يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها” فقام إعرابي فقال: يا رسول الله لمن هي؟ فقال: “لمن طيّب الكلام، وأطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلّى بالليل والنّاس نيام” فغرف الجنّة كالبلّور في جمالها وشفافيَّتها. كذلك وصف النبي أحد قصور الجنّة فقال: “إنَّ في الجنّة قصراً يقال له عَدَنٍ حوله البروج والمروجله خمسة آلاف بابٍ عند كل بابٍ خمسة آلافِ حبرة لا يدخله ـ أولا يسكنه ـ إلا نبيٌّ أو صدِّيق أو شهيد أو إمام عدل”. بل إن الجنّة كلها بناء قائم كما قال النبي في جوابه لسؤالٍ طرحه عليه بعض صحابته حيث قال: “لبنةُ ذهب ولبنةُ فضّة، وملاطها المسك وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزّعفران. من يدخلها ينعم ولا ييأس ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه”. فالجنّة جوهرة، وقصورها جواهر، وسكانها شباب دائم.

Advertissement

ولم يتوقف القرآن أو النبي عند ذكر مساكن الجنّة، بل وردت في القرآن مجموعة من الآيات تصف فراش هذه المساكن، كذلك تحدث النبي محمد عن أثاث بيوت الجنة، كما كتب حجة الإسلام الغزالي: “سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: “ومساكن طيّبةٍ في جَنَّاتِ عَدْنٍ” قال: “قصورٌ من لؤلؤ، في كلِّ قصرٍ سبعون داراً من ياقوتٍ أحمر، في كل دارٍ سبعون بيتاً من زمرّد أخضر، في كلِّ بيتٍ سرير، على كل سرير سبعون فراشاً من كل لون، على كل فراشٍ زوجة من الحور العين، في كل بيتٍ سبعون مائدةً، على كل مائدة سبعون لوناً من الطعام، في كل بيتٍ سبعون وصيفِة، ويعطي المؤمن في كل غداة ـ يعني من القوة ـ ما يأتي على ذلك أجمع”. لدينا في هذا الحديث قصوراً وبيوتاً ودوراً، أما أثاثها فهي الأسرة والفراش وموائد الطعام. وعلى الفراش تستلقي الحواري في انتظار مضاجعة الحبيب الذي لديه قوةً ربانية هائلة ليأكل ويمارس الجنس بلا حدود. وأكثر ما يلفت النَّظر في هذا الحديث هو ذكر الوصيفات، مما يعني أنه حتى في جنَّة النَّعيم يوجد إماءٌ وجواري لخدمة المؤمن من المسلمين.

‫0 تعليق