هل تعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم زار مصر مرتين؟

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!
Advertissement

يكفي أهل مصر شرفاً وفخراً بسكنى الأنبياء بين ظهرانيهم ومرورهم ببلادهم،ودخلها يعقوب -عليه الصلاة والسلام-. ودخلها الأسباط مراراً وتوفوا ودُفنوا بها،وسكن مصرَ يوسف -عليه الصلاة والسلام- ونال بها من المكانة والجاه ما لم ينله أحد من الأنبياء والمرسلين ومن عداهما في مصر، وشرفت أرض مصر بدفن جسده الطاهر فيها، ثم نُقل بعد ذلك إلى فلسطين زمن موسى – عليه الصلاة والسلام – في قصة جليلة،وموسى وهارون -عليهما الصلاة والسلام- ولدا في مصر وعاشا فيها طويلاً، وجرى عليهما في أرض مصر ما جرى من الأحداث العظام مما قصه علينا الله -تعالى- في كتابه الجليل.

وفي صدد الحديث عن تاريخ مصر العريق مع الأنبياء عليهم السلام، سوف نتحدث فيه عن زيارات النبي محمد صلى الله عليه وسلم لمصر وعددها فتابعوا معنا:

ولد الرسول صلى الله عليه وسلم في شعبة من شعب بني هاشم والمعروفة بشعب أبي طالب، وهو مكان حاصر أهل قريش بني هاشم فيه، وذلك خوفاً من ظهور الإسلام، وقد ولد في دار عرفت بدار ابن يوسف، وبني في مكان ولادته مكتبة عرفت بمكتبة مكة. حياة الرسول عليه الصلاة والسلام منذ ولادته حتى وفاته، حياة مشرّفة، مليئة بالكدّ، والكفاح، والدعوة، والجهاد، حتى قبل أن يُبعث نبياً، فقد كانت شمائله عليه الصلاة السلام عنواناً له، لما عُرف عنه من الأمانة، والصدق، والحلم، والتعقل، والحكمة، والرأي السديد، ولم يُعرف عنه طيلة حياته خلقٌ سيئٌ، بل كان مثالاً يُحتذى للأخلاق الفاضلة والحميدة، فقد كان قدوة في كل شيء، كان الأب، والمعلم، والصاحب، والواعظ، والقائد.

ولقد تشرفت أرض مصر بزيارته صلى الله عليه وسلم بحيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم زار مصر مرتين، وليس مرة واحدة،

الأولى كانت أثناء رحلة الإسراء والمعراج، فبعد أن عرج به إلى السماء، نزل النبي في 5 أماكن، طلب منه جبريل أن يصلي فيها، كانت منهم منطقة طور سيناء، حيث كلم الله سيدنا موسى، ففي حديث طويل رواه عدد من أصحاب السنن حيث رواه الإمام الطبراني والإمام البيهقي والإمام البزار وصححه الإمام الطبراني في كتابه “دلائل النبوة” من حديث شداد بن أوس (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به مر بأرض ذات نخل، فأمره جبريل عليه السلام أن ينزل من فوق البراق ليصلي، فصلى ثم أخبره أن المكان الذي فيه هو يثرب أو طيبة، وإليها المهاجرة، ثم أمره أن يصلي عندما مر بمدين عند شجرة موسى، وهي التي استظل بها بعد أن سقي الغنم للمرأتين قبل أن يلتقي بأبيهما، كما قال بعض الشراح، ولما مر الركب بطور سيناء أمره أن يصلي أيضا، وذلك حيث كلم الله موسى، وعند المرور ببيت لحم صلي أيضا، وذلك حيث ولد عيسى بن مريم)، ويؤكد الدكتور محمد الجندي أستاذ الأديان المقارن بجامعة الأزهر هذا الكلام، وقال “طور سيناء كانت أرضا مباركة وأرض الرسالات السماوية، فكانت هذه الأرض على موعد مع التاريخ لاستقبال سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم لأنها ضمن أفضل ثلاث بقع طاهرة ومشرفة على الأرض وهي مكة والمدينة وبيت المقدس وطور سيناء وهى التي أشار إليها القرآن الكريم وتحدث عنها المفسرون في قوله تعالى: “والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين”، وهي نفس وجهة النظر التي يؤكدها المؤرخ حنفي المحلاوي في كتابه “أماكن مشهورة في حياة محمد صلى الله وسلم” حينما ذهب إلى أن الرسول الكريم مر بمصر وزار أرضها التي زارها من قبل الكثير من الأنبياء عليهم السلام.

أما عن الزيارة الثانية، فقد ذهب عالم المصريات الدكتور سيد كريم، لاحتمالية زيارة الرسول الكريم لمصر قبل حادثة الإسراء والمعراج خلال رحلات التجارة التي قام بها قبل البعثة، وقال سيد كريم في حوار صحفي سابق، إن النبي اتجه في رحلة من رحلات الصيف التجارية إلى زيارة “الأرض التي تغرب عندها الشمس” -يقصد أرض مصر- مؤكدا أن بني عبد مناف أجداد الرسول مصريو الأصل،    ويقول كذالك أن الرسول وصل إلى دير سانت كاترين، حيث التقى مع رهبان الدير الذين اشتكوا له من البدو والأعراب الذين يسرقون ماشيتهم ويدمرون مزارعهم، وكان سبب الشكوى إلى الرسول تحديدا أنهم ظنوا أنه أمير التجار لأنه كان يقود القافلة، ويتابع سيد كريم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم وعدهم بالتدخل لدى الأعراب والبدو ليطالبهم بالكف عن الاعتداء على الدير ورهبانه، ويتابع عالم المصريات حديثه بقوله أن دير سانت كاترين يحتفظ بوثيقة الوعد التي طبع عليها الرسول عليه الصلاة والسلام كف يده الشريفة، وعندما عاد إلى مكة ونزلت عليه الرسالة وعلم كهنة دير سانت كاترين أنه أصبح زعيم العرب أرسلوا إليه الرسالة الشهيرة التي يذكرونه بوعده الذي ختمه بكف يده الشريفة وبالفعل أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم رهبان سانت كاترين بسيناء وثيقة تعتبر علامة بارزة في التسامح والتساهل وحسن المعاشرة،                                                                            ويؤيد هذه الرواية الدكتور إكرام لمعي أستاذ الأديان المقارنة بكلية اللاهوت الإنجيلية حيث وضح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل الرسالة يقيم في تنقلاته التجارية ناحية سوريا ولبنان ومصر في الأديار وكان يقيم حوارا مع الرهبان وأنه أقام مع رهبان دير سانت كاترين حوارا ناقش معهم أمور دينهم بحكم أنه كان رجلا زاهدا قبل النبوءة، وفى رواية أخرى طلب منه هؤلاء الرهبان العهد، أو ما يعرف بـ”العهدة المحمدية”، وفي كتاب مختصر تاريخ العرب لسيد أمير علي، ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم في زيارته الأولى لسيناء أعطى رهبان سانت كاترين وثيقة تنص على رعاية حقوقهم والوفاء لهم بالعهود والمواثيق، أما زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم الثانية لأرض سيناء فورد ذكرها في رحلة الإسراء والمعراج عند نزول جبريل عليه السلام مع الرسول صلى الله عليه وسلم بأرض سيناء عام 620م.

ومن جهة أخرى، تقول بعض الآراء أنه لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بلاد مصر، سواء بحدودها المتعارف عليها قديما، أو بحدودها السياسية في العصر الحاضر، وسواء قبل بعثته صلى الله عليه وسلم أو بعدها، وتتمسك هذه الآراء بأن زيارات الرسول قبل البعثة اقتصرت على بلاد الشام وليس مصر، استنادا إلى حديث رواه الترمذي، فعن أبي موسى الأشعري قال: “خرج أبو طالب إلى الشام وخرجه معه النبي صلى الله عليه وسلم في أشياخ من قريش، فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فحلوا رحالهم، فخرج إليهم الراهب وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم ولا يلتفت”.

Advertissement

 وإن يفتخر المصريون بشيء بعد هذا فحق لهم أن يفخروا بماء زمزم الذي فُجر إكراماً لهاجر وابنها و أن خير الأنبياء والمرسلين مطلقاً محمداً وإبراهيم – عليهما أفضل الصلوات والتسليم- كان تحتهما مارية وهاجر المصريتان، فأنجبت الأولى إبراهيم عليه السلام، وأنجبت الأخرى إسماعيل -عليه الصلاة والسلام- وهو جد نبينا صلى الله عليه وسلم فما أحسن هذا وما أعظمه.




‫0 تعليق