من هو هذا الصحابي الذي تستحي منه الملائكة؟

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!
Advertissement

اتفق أهل العلم على أنّ الصحابي هو كلّ من لقي الرسول صلى الله عليه وسلم وعاش معه سواء لفترة قصيرة أو طويلة، ومات على الإسلام، سواء رجلاً أو امرأةً أو صغيراً أو كبيراً، وأخذ عنه أمور الدين والحياة، وإن لم يكن مسلماً لا يعتبر صحابياً، وسُمّي بالصحابي لأنّه صحب الرسول ووقف معه في السرّاء والضراء، ودافع عنه وناصره وجاهد معه بأمواله ونفسه، ويرجع للصحابة الفضل في رواية الأحاديث التي هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، ومن بين الصحابة رضوان الله عليهم، هناك صحابي تستحي منه الملائكة، فقد تتسأل عزيزي المشاهد من هو هذا الصحابي ولماذا تستحي منه الملائكة؟

كان عثمان بن عفان رضي الله عنه من النفر الذين أسلموا بفضل دعوة أبي بكر لهمم إلى الإسلام، وقد ذكر ابن الأثير أن هؤلاء النفر، ومنهم عثمان، بعد أن لبوا دعوة أبي بكر إلى الإسلام، ذهبوا معه إلى رسول الله، “صلى الله عليه وسلم”، فعرض عليهم الإسلام وقرأ عليهم القرآن، وأنبأهم بحق الإسلام فآمنوا، وأصبحوا مقربين وكان هذا سبق لهم إلى الإسلام، وكان عثمان يقول: إني لرابع أربعة في الإسلام، وقد تمسك عثمان بالإسلام، وسعد به، وتفانى في نصرته ، فيروى أنه عندما أَسْلَمَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَخَذَهُ عَمُّهُ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ فَأَوْثَقَهُ رِبَاطًا وَقَالَ: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ آبَائِكَ إِلَى دِينٍ مُحْدَثٍ؟ وَاللَّهِ لَا أَحُلُّكَ أَبَدًا حَتَّى تَدَعَ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الدِّينِ، فَقَالَ عُثْمَانُ: وَاللَّهِ لَا أَدَعُهُ أَبَدًا وَلَا أُفَارِقُهُ، فَلَمَّا رَأَى الْحَكَمُ صَلَابَتَهُ فِي دِينِهِ تَرَكَهُ،

فضلا عما سبق من عفته وحسن سيرت؛ مما أدى إلى شدة حب الناس له، فإن عثمان بن عفانكان شديد الحياء، فأضفى ذلك عليه هيبة ووقارًا، وحياء من الآخرين حتـى من الملائكة، ولعله تفرد بدرجة هذا الحياء: فقد أخرج البخاري عن عائشة قالت: ” كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مضطجعًا في بيتي، كاشفًا عن فخذيه، أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له، وهو على تلك الحال، فتحدث ثم استأذن عمر فأذن له، وهو كذلك، فتحدث، ثم استأذن عثمان، فجلس رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وسوى ثيابه، فدخل فتحدث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتش له، ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك! فقال:( ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة)،

وفى موقف آخر شبيه بهذا كان “صلى الله عليه وسلم”، متضجعًا، وظل على ذلك عندما دخل عليه أبو بكر وعمر، وعندما دخل عثمان استوى، “صلى الله عليه وسلم”، فسألته عائشة عن ذلك فقال: صلى الله عليه وسلم: (إن عثمان رجل حيي، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال، ألا يبلغ إلي في حاجته)،

ثم جاءت هجرته إلى الحبشة، فَكَانَ عُثْمَانُ مِمَّنْ هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ الْهِجْرَةَ الْأُولَى وَالْهِجْرَةَ الثَّانِيَةَ وَمَعَهُ فِيهِمَا جَمِيعًا امْرَأَتُهُ رُقْيَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ “صلّى الله عليه وسلم”، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ “صلّى الله عليه وسلم”: “إِنَّهُمَا لَأَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ إِلَى اللَّهِ بَعْدَ لُوطٍ”،

وإن أهم ما اشتهر به عثمان بن عفان هو لقبه ذو النورين؛ لأنه تزوج من ابنتي الرسول محمد صلى الله عليه وسلّم، حيث تزوج الزوجة الأولى التي كانت رقيّة بنت محمّد صلى الله عليه وسلم، وشهدت معه زوجته رقيّة هجرة المسلمين إلى الحبشة، وهاجرت معه إلى المدينة المنورّة، ولما ماتت حزن عليها عثمان حزناً شديداً من شدّة حبه لها، ولذلك زوجه الرسول محمد صلّى الله عليه وسلم من ابنته أم كلثوم رضي الله عنها،

كما اشتهر عثمان بن عفان بغناه وثروته الكبيرة، حيث كان رضي الله عنه يعتق رقاب العبيد بماله، ويتصدّق بالكثير منه لتجهيز جيوش المسلمين للمعارك والقتال، بالإضافة إلى كونه يشتري آبار المياه، ويوزعها على المسلمين، ويشار إلى أنّ هذا الصحابي كان من أقرب الصحابة خُلقاً إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلّم،

من مواقفه في حياة الرسول: (اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ “صلّى الله عليه وسلم” عَلَى الْمَدِينَةِ فِي غَزْوَتِهِ إِلَى ذَاتِ الرِّقَاعِ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَاسْتَخْلَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ “صلّى الله عليه وسلم” أَيْضًا عَلَى الْمَدِينَةِ فِي غَزْوَتِهِ إِلَى غَطَفَانَ بِذِي أَمَرٍّ بِنَجْدٍ)، ثم بعد ذلك (شراء بئر رومة): كـان بالمدينة بئر يملكهـا يهـودي ويبيع ماءها للمسلمين فقال النبي، “صلى الله عليه وسلم”، (من يحفر بئر رومة فله الجنة)، فحفرها عثمان، اشتراها بعشرين ألف درهم ووهبها للمسلمين، وأبلي بذلك بلاءً عظيماً،

Advertissement

والمتفق عليه عند الصحابة هو أن عثمان ثالث ثلاثة بعد رسول الله، “صلى الله عليه وسلم”، وأبي بكر وعمر، فضلًا وقدرًا ومكانة، وبهذا تواترت الأخبار، وفضلًا عما سبق ذكره في شأن أفضلية الصحابة عامة والراشدين منهم خاصة، فثمة رواية للبخاري تؤكد مكانة عثمان وأفضليته، فعن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: (كنا في زمن النبي، صلى الله عليه وسلم، لا نعدل بأبي بكر أحدًا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي، صلى الله عليهم وسلم، لا نفاضل بينهم،لله.

‫0 تعليق