من هو الصحابي الذي شرب دم رسول الله

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!
Advertissement

إن أولى ما نظر فيه الطالب ، وعني به العالم بعد كتاب الله -عز وجل- سنن رسوله -صلى لله عليه وآله وسلم- فهي المبيِّنة لمراد الله -عز وجل- من مجملات كتابه ، والدالة على حدوده ، والمفسرة له ، والهادية إلى الصراط المستقيم صراط الله مَن اتبعها اهتدى ،ومن سُلبها ضل وغوى وولاه الله ما تولى ، ومِن أَوكد آلات السنن المعينة عليها ، والمؤدية إلى حفظها معرفة الذين نقلوها عن نبيهم -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى الناس كافة ، وحفظوها عليه ،وبلغوها عنه ، وهم صحابته الحواريون الذين وعوها وأدوها ناصحين محسنين حتى أكمل بما نقلوه الدين ، وثبت بهم حجة الله -تعالى -على المسلمين فهم خير القرون ، وخير أمة أخرجت للناس ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم ، وثناء رسوله -عليه السلام- ، ولا أعدل ممن ارتضاه الله لصحبة نبيه ونصرته ، ولا تزكية أفضل من ذلك ، وكما هو معروف في عهد الصحابة حدثت العديد من القصص بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن بين هذه القصص قصة الصحابي الذي شرب دم الرسول عليه الصلاة والسلام، فمن هو هذا الصحابي؟

هو الصحابيّ الجليل عبد الله بن الزبير بن العوّام بن خويلد الأسدي بن أسد بن عبد العزّى بن قصي بن كلاب بن مرّة، يكنّى بأبي خُبيب، أو أبي بكر، أمّه هي: أسماء بنت أبي بكر الصّديق، وخالته السيّدة عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها، وُلد عبد الله بن الزّبير في السنة الأولى للهجرة، وهو أوّل مولود في الإسلام بعد الهجرة، حيث كانت أمّه أسماء -رضي الله عنها- قد حملت به وهي في مكّة، ثمّ وضعته بعد أن وصلت قباء في المدينة المنوّرة، ولقد أخذت أسماء ابنها عبد الله إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ليحنّكه بالتمر، وورد في ذلك: (فأخذه رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- منها فوضعه في حِجرِه، ثمّ دعا بتمرةٍ، قال: قالت عائشةُ فمكثْنا ساعةً نلتمِسُها قبل أن نجدَها، فمضغَها، ثمّ بصقَها في فيه، فإنَّ أولَ شيءٍ دخل بطنَه لَرِيقُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)،

حمل عبد الله بن الزبير لقباً كان جديراً به؛ وهو: حمامة المسجد، وقد أسمته أمّه أسماء وبعض الصّحابة بهذا اللقب؛ لكثرة عبادته؛ فكان مصلّياً في الليل، وصائماً في النهار، وفي موقفٍ آخر حاز فيه عبد الله انفراداً عن غيره من الصحابة، حيث روى أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد احتجم، فأخذ الدم المسفوح، وأعطاه لعبد الله بن الزبير رضي الله عنه، وأمره أن يريقه في مكانٍ لا يراه فيه أحد، فذهب عبد الله، وعندما عاد قال للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (جعَلتُه في أخفى مكانٍ علِمتُ أنه يَخفى عنِ الناسِ، قال: لعلَّكَ شرِبتَه، قال: نعَم، قال: ولِمَ شرِبتَ الدمَ ويلٌ للناسِ مِنكَ، وويلٌ لكَ منَ الناسِ)، فكان عبد الله بن الزبير مَن شرب دم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ رغبةً أن تصيبه بركة دمه،

عن نافع أبي هرمز عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

(حجم النبيَّ صلى الله عليه وسلم غلامٌ لبعض قريش ، فلما فرغ من حجامته أخذ الدم ، فذهب به من وراء الحائط ، فنظر يمينا وشمالا ، فلما لم ير أحدا تحسى دمه حتى فرغ ، ثم أقبل ، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه ، فقال : ويحك ما صنعت بالدم ؟ قلت : غيبته من وراء الحائط . قال : أين غيبته ؟ قلت : يا رسول الله ! نفست على دمك أن أهريقه في الأرض ، فهو في بطني . قال : اذهب فقد أحرزت نفسك من النار)،

وقد جود إسناد هذا الخبر أمير المؤمنين في الحديث وشارح صحيح البخاري الإمام ابن حجر العسقلاني في “التلخيص الحبير”، وحسَّـنَ إسنـاده أيضًا الإمام السيوطي في كتابه “الخصائص الكبرى”، وبوب له الإمام البيهقي رحمه الله بابًا في كتابه “سنن البيهقي الكبرى” في الجزء السابع باسم: “باب تركه الإنكار على من شرب بوله ودمه”،

وقال العلماء عن تلك الواقعه أن ذلك من خصوصيات النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي انفرد بها في الحكم عن سائر الأمة، وهي خصوصيات كثيرة جمعها أهل العلم في مجلدات، مثل الإمام السيوطي في كتابه “الخصائص الكبرى”، فقد نص بعض أهل العلم على طهارة دمه الشريف صلى الله عليه وسلم اعتمادا على قصة عبد الله بن الزبير.

وتحدث عن ذلك أيضًا القاضي عياض المالكي في كتابه “الشفا في التعريف بحقوق المصطفى”، والإمام زكريا الأنصاري الشافعي في فتوى له، والإمام محمد بن الخطيب الشربيني في كتابه “مغني المحتاج”، والإمام الزيلعي في كتابه “تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق”

Advertissement

كان عبد الله بن الزّبير -رضي الله عنه- كالصّحابة عموماً؛ ممتلأً بالصّفات العظيمة، والخصال الرفيعة، وقد قال العديد من الصحابة بصفاته، وأخلاقهن وامتدحوا عباداته، وفي ما يأتي بيان جانب من صفاته: خشوعه في الصلاة؛ فكان إذا دخل في الصلاة كأنه عمود؛ من شدّة خشوعه، وثباته حين يصلّي، ولقد روى يوسف بن الماجشون عن سنده أنّ عبد الله -رضي الله عنه- كان يصلّي القيام على ثلاثة أشكال؛ ليلة قائم حتى الفجر، وليلة راكع حتى الفجر، وليلة ساجد حتى الفجر، وذات ليلة سقطت حيّة في بيته، وهو قائم يصلّي، فصاح أهل البيت الحيّة الحيّة، حتى أمسكوا بها، وألقوها خارجاً، وهو قائم يصلّي لم يلتفت.

‫0 تعليق