من اكتشف الصفر

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!
Advertissement

يمكننا أن نعرف الصفر لغوياً على أنه الخُلي، وهذا بالفعل ما ينطبق على الصفر، حيث أن الصفر يعبر عن خلوه من أي عدد، فهو يعني اللاعدد، أما في اللغة الإنجليزية لتعريف الصفر يدل على رقم أو رمز ولكنه خالي من الكمية، فهو لا يعبر عن أي عدد، وأيضاً يعبر الصفر عن المكان الفارغ، وأيضاً يمكننا أن نستدل على ذلك من خلال عدم وجود أي وحدات في النظام المعروف بالأرقام الموضعية، ولكن يجب أن نعلم أنه في الرياضيات يمثل عدداً صحيحاً، وهذا العدد يقع بين الـ 1 والـ -1.

وقبل أن يتم اكتشاف الصفر عانى الكثير من علماء الرياضيات عندما كانوا يجرون العمليات الحسابية البسيطة، حيث أن الصفر يعد الأساس في علم الفيزياء والرياضيات، وذلك لأنه يسمح لنا بأن نقوم بتنفيذ الكثير من الحسابات المختلفة في التكامل والتفاضل، وأيضاً في الكثير من الحسابات المالية المتعددة، وأيضاً له دور كبير في عملية اكتشاف الكثير من الاختراعات التكنولوجية الحديثة، حيث أن أجهزة الحاسوب لم تكن تعمل بدون الصفر، وأيضاً هناك الكثير من المجالات الأخرى التي تستخدم الصفر، وذلك لأنه يعبر عن الفشل الكلي، ويعبر عن اللاشيء وغياب القيمة، وهو له مفهوم أكبر بكثير من كونه عدد يعبر عن عدم وجود قيمة رقمية، حيث أنه يمتلك الكثير من المعاني الأخرى التي قد نستخدمها في تعبيراتنا.

الخوارزمي له دور كبير في ترسيخ قيمة الصفر:        

العالم المسلم محمد بن موسى الخوارزمي ولد في عام 781 م، وهو مؤسس علم الجبر والذي بعد ذلك تم نقله عنه من قبل الأوروبيون، وهو الذي ابتكر الأعداء العربية، وهو الذي عرف الناس على الأرقام الهندية، وأيضاً قام بالعديد من الأبحاث التي كان لها دور عظيم في تطوير ودراسة علم الرياضيات الذي يوجد لدى الهنود والإغريق، والصفر كان يوجد بالفعل في قائمة الأرقام الهندية، ولكنه كان بلا قيمة ولا يعني أي شيء، ولكن الخوارزمي قام بإعطاء الصفر قيمة، حيث أنه جعله عدداً مضاف إلى العشرة، مما أدى إلى تحقيق وجود العشرات والمئات والألوف ومئات الألوف…..

نشأة الصفر:

الحضارة السومرية:

تم اكتشاف الصفر أول مره في الحضارة السومرية والتي كانت توجد في بلاد ما بين النهرين، حيث أنه يوجد هناك نقش لوتد مائل ومزدوج بين الكثير من الرموز المسمارية الخاصة بالأرقام على العديد من الألواح الحجرية التي تم إنشائها منذ عام 3000 قبل الميلاد، وكانت تشير إلى أن هذا المكان لا يوجد به رقم.

ويجب أن نعلم أن السومريون هم أول من اكتشفوا نظام العد، وهذا النظام يعتمد على القيمة الخاصة بالرمز والتي ترتبط بموضعه نسبة إلى الرموز الأخرى، وتم ذلك قبل أكثر من 5000 سنة.

الحضارة البابلية:

بعد ذلك تم انتقال نظام العد الخاص بالسومريين إلى البابليين وذلك في فترة الحكم الخاصة بالإمبراطورية الأكاديّة، وذلك كان في عام 300 قبل الميلاد تقريباً، وكان البابليون يعبرون عن وجود السفر من خلال وضع مسافة فارغة بين جميع النقوش المسمارية التي كانت تمثل الأرقام، ولكن بالطبع كانت هذه الطريقة صعبة الفهم ومربكة للغاية، مما دفعهم بعد ذلك إلى أن يمثلوا الصفر من خلال رمز عبارة عن وتد مزدوج بشكل زاوي، ومع كل ذلك إلا أن فكرة الصفر كرقم من ضمن الأرقام لم تتطور في ذلك الحين.

حضارة المايا:

شعب المايا لم يكن باستخدام الصفر في كل المعادلات الرياضية وذلك بالرغم من أنهم كانوا يمتلكون مهارات عالية في الرياضيات وفي تكوين المعادلات الرياضية، بل أنهم قاموا باستخدامه في كل أنظمة التقويم التي يتبعونها، وذلك تم في عام 350 ميلادي، ومن هنا بدأ يتطور استخدام الصفر في العديد من الأشياء الأخرى، وشعب المايا كان بإمكانه أن يكون العديد من الأرقام التي قد تصل إلى مئات الملايين، وبالرغم من ذلك إلا أن كل الحضارات الأخرى التي جاءت بعد شعب المايا لم تقم باستخدام الصفر، وذلك أدى إلى انحسار فكرة انتشاره داخل الأرجاء.

الحضارة اليونانية:

مسمى السفر لم يظهر بشكل واضح وصريح لدى علماء الرياضيات القدماء في اليونان حيث أنهم تعلموا جميع أساسيات الرياضيات من المصريين، وعلى الرغم من أن جميع البابليين قاموا باستخدام الصفر كرمز إلى الفراغ، إلا أن اليونانيون لم يعتمدوا ذلك، حيث أنه ليس هناك أي دليل واضح يثبت وجود الصفر في اللغة القديمة الخاصة باليونانيون، والسبب وراء ذلك أن الكثير من علماء الرياضيات اليونانيون كان تركيزهم على علم الهندسة، فكانوا يهتمون به كثيراً، فلم يحتاجوا إلى تسمية الأرقام التي يستخدمونها، حيث أنهم تعاملوا معه على أنه أطراف للخطوط

العرب:

التجار العرب قاموا بجلب جميع أنواع النصوص الهندية براهما جوبتا، ووصل رقم صفر إلى مدينة بغداد داخل العراق، وذلك بحلول العام الميلادي 773، حيث أن نظام العد قد تم تطويره بالاعتماد على النظام الهندي، والعالم الخوارزمي هو أول من وضع جميع المعادلات الرياضية التي تساوي صفر، والمعروف في علم الجبر، وأيضاً قام بتطوير الخوارزميات التي جعلت عمليات القسمة والضرب ممكنة وسريعة بأساليب مميزة، وقام الخوارزمي بإطلاق اسم الصفر بشكل رسمي لأول مرة، وقام بكتابته في شكل بيضاوي، وقام باعتبارها على أنه أصغر رقم من الأرقام التي كانت توجد في ذلك الوقت، وبعد أن تم الفتح الإسلامي للأندلس كان الصفر قد وصل إلى أوروبا، وهذا الأمر أدى أيضاً إلى انتشار جميع مؤلفات الخوارزمي التي تم ترجمتها مسبقاً داخل انجلترا.

ابن عزرا كتب ثلاثة أطروحات يتحدث فيهم عن الأرقام التي تمتلك رموز هندية، وأيضاً ذات كسور عشرية، وساهم ذلك في انتشار كل هذه الأفكار داخل أوروبا، وفي وقت لاحق ابن عذرا وصف في الكثير من كتاباته النظام العشري الخاص بالأرقام الصحيحة، ويحتوي على الكثير من القيم التي تبدأ من اليسار إلى اليمين.

الغرب:

بعد ذلك وصل الصفر إلى أوروبا بعد أن تم الفتح الإسلامى للأندلس، وتم تطويره بواسطة العالم الإيطالي فيبوناتشي، واستعان بجميع مؤلفات الخاصة بالخوارزمي، مما جعل الصفر يكتسب شهرة كبيرة بين جميع التجار الإيطاليين، وأيضاً بين الكثير من المصرفيين الألمان، ولكن شككت الحكومة في صلاحية استخدام هذه الرموز العربية والأرقام، وذلك لأنها سهلة التغيير من رقم إلى آخر، ولكن التجار استمروا في استخدام الرقم صفر في رسائلهم المشفرة.

وأيضاً العلماء الأوروبيين قاموا باستخدام الصفر بشكل أوسع، حيث أن المشهور رينيه ديكارت قام باستخدامه في الكثير من الإحداثيات السينية والصادية الخاصة بالمستوى البياني وذلك في القرن السابع عشر، وبعد ذلك قام العالم إسحاق نيوتن باستخدامه في التكامل والتفاضل في الكثير من العلوم الأخرى مثل الهندسة والفيزياء.

Advertissement

الصفر في عصرنا الحالي:

السفر هو رقم مالوف ومفهوم في جميع أنحاء العالم الآن، حيث أنه تطور عبر جميع الأزمنة التي ذكرناها وعبر الكثير من الأزمنة الأخرى التي لم نذكرها، لذا هو واحد من أكبر الإنجازات التي تم اكتشافها عبر التاريخ، وهناك الكثير من العلوم التي بنيت على أساسه، وساعد في تقدم الحضارة، وبالرغم من أن الصفر قد يشير إلى اللاشيء أو الفراغ، إلا أنه ذات معنى قوي وإنجاز مميز.

‫0 تعليق