لماذا رفض رسول الله أن يتزوج سيدنا علي على السيدة فاطمة؟

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!
Advertissement

شهد التاريخ لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بالعديد من المواقف الجليلة العظيمة، يُذكر منها بياته في فراش النبي -عليه الصلاة والسلام- حين أراد النبي الهجرة من مكة في الليلة التي أجمعت فيها قريش على قتله، وبذلك لفت علي الأنظار عن النبي، فضرب علي أروع مثالٍ للمسلم المجاهد الصادق في إيمانه ورسالته، كما أمره الرسول أن يؤدي الأمانات إلى أصحابها، ففعل، ولحق بالرسول -عليه السلام- بعد ثلاث ليال، وتحمّل مشقّة طريق الهجرة دون أي وسيلةٍ للنقل، وما ذلك إلّا ابتغاء نيل رضا الله سبحانه،ولكن هناك رواية تقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم،رفض أن يتزوج سيدنا علي على السيدة فاطمة،فما سبب رفضه صلى الله عليه وسلم هذا الأمر؟

القصة المشار إليها صحيحة ثابتة في الصحيحين، فعن المسور بن مخرمة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر وهو يقول: “إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب فلا آذن لهم، ثم لا آذن لهم ثم لا آذن لهم، إلا أن يحب ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم. فإنما ابنتي بضعة مني، يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها”، وفي رواية: “وإني لست أحرم حلالاُ، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبنت عدو الله مكاناُ واحد أبداً”، وليس في هذا الحديث إشارة إلى أن تعداد الزوجات ممنوع،

والأصل في الزواج التعداد لأن الله بدأ بالمثنى. وثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: “خير الناس أكثرهم أزواجاً”، يريد النبي صلى الله عليه وسلم، قد عقد على ثلاث عشرة امرأة، ودخل بإحدى عشر، ومات عن تسع من النسوة فالتعداد من ديننا، وأما القول بأن هذا الحديث يلغي التعداد، فكذب وزور وباطل. وهذا الحديث له توجيه،

فعن الْمِسْوَر بْنَ مَخْرَمَةَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ ، وَعِنْدَهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ،

فَلَمَّا سَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ لَهُ : إِنَّ قَوْمَكَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ ، وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحًا ابْنَةَ أَبِي جَهْل،

فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ : ( أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ فَحَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي ، وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي ، وإِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا ، وَإِنَّهَا وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَبَدًا)، قَالَ : فَتَرَكَ عَلِيٌّ الْخِطْبَةَ . رواه البخاري ومسلم،

وقد ذكر العلماء جملة من الأسباب التي من أجلها منع النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب من هذا الزواج ، وهذه الأسباب ترجع في مجملها إلى أربعة أمور،

الأول : أن في هذا الزواج إيذاءً لفاطمة ، وإيذاؤها إيذاء للنبي صلى الله عليه وسلم ، وإيذاء النبي صلى الله عليه وسلم من كبائر الذنوب ، وقد بَيَّن ذلك صلى الله عليه وسلم بقوله : (وإِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي ، يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا)،

الثاني : خشية الفتنة على فاطمة في دينها،
كما جاء في رواية البخاري: ( وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِينِهَا)،
وعند مسلم  : ( إِنَّ فَاطِمَةَ مِنِّي ، وَإِنِّي أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِينِهَا)،
فإن الغيرة من الأمور التي جبلت عليها المرأة ، فخشي النبي صلى الله عليه وسلم أن تدفعها الغيرة لفعل ما لا يليق بحالها ومنزلتها ، وهي سيدة نساء العالمين،
خاصة وأنها فقدت أمها ، ثم أخواتها واحدة بعد واحدة ، فلم يبق لها من تستأنس به ممن يخفف عليها الأمر ممن تُفضي إليه بسرها إذا حصلت لها الغيرة،

الثالث : استنكار أن تجتمع بنتُ رسول الله وبنتُ عدوِّ الله في عصمة رجل واحد،
كما قال صلى الله عليه وسلم : ( وَإِنَّهَا وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ ، وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَبَدًا)،
قال النووي : ” وَقِيلَ : لَيْسَ الْمُرَاد بِهِ النَّهْي عَنْ جَمْعِهِمَا ، بَلْ مَعْنَاهُ : أَعْلَمُ مِنْ فَضْل اللَّه أَنَّهُمَا لَا تَجْتَمِعَانِ ، كَمَا قَالَ أَنَس بْن النَّضْر : (وَاَللَّه لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرَّبِيع)،

Advertissement

الرابع : تعظيماً لحق فاطمة وبياناً لمكانتها ومنزلتها،
قال ابن حبان : ” هذا الفعل لو فعله علي كان ذلك جائزاً ، وإنما كرهه صلى الله عليه وسلم تعظيماً لفاطمة ، لا تحريما لهذا الفعل”. من “صحيح ابن حبان”،قال الحافظ ابن حجر: “السياق يشعر بأن ذلك مباحٌ لعلي ، لكنه منعه النبي صلى الله عليه وسلم رعاية لخاطر فاطمة ، وقَبِلَ هو ذلك امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم،

‫0 تعليق