قصة طالوت وجالوت،قصة غريبة لم تكن تعرفها من قبل

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!
Advertissement

يحتوي كتابُ الله تعالى القرآن الكريم على العديدِ من القصص التي حدثتْ في الأزمنة الخالية التي سبقت العهد النبويّ الميمون، حيث تعتبر هذه القصص مفتاحاً هامّاً ورئيسيّاً لفهم سننِ التاريخ، ولفهم المعايير التي تُقيَّم أفعال الناس بناءً عليها، فقد أسّس القصص القرآنيّ لنمطٍ جديد من التفكيرِ يختلفُ عن السائد أو المتعارف عليه، ولعلَّ أبرزَ القصص التي أوردها القرآن قصّة طالوت وجالوت.

طلب بنو إسرائيل من نبيهم صموئيل أن يختار لهم ملكا يوحّد كلمتهم ويجمع جيوشهم لهزيمة العماليق والكنعانيين الذي نجحوا في انتزاع التابوت الذي ورثه بنو إسرائيل من عهد موسى وهارون، وقد أخبر النبي صموئيل بني إسرائيل أنّ الله سبحانه وتعالى قد اختار لهم ملكاً اسمه طالوت وقال تعالى: وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ . وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ} مجيبا لطلبهم {إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا} فكان هذا تعيينًا من الله الواجب عليهم فيه القبول والانقياد وترك الاعتراض،
وهو رجل بسيط من بني إسرائيل قد آتاه الله الحكمة والعلم، كما آتاه القوة البدنية والحنكة العسكرية، وقد ظنّ بنو إسرائيل أن الاختيار للملك سيكون على معايير الغنى والمال والجاه، فأكد لهم نبيهم أن الله يؤتي ملكه من يشاء من عباده،ولكن أبوا إلا أن يعترضوا، فقالوا:(أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ)، أي: كيف يكون ملكاً وهو دوننا في الشرف والنسب ونحن أحق بالملك منه. ومع هذا فهو فقير ليس عنده ما يقوم به الملك من الأموال، وهذا بناء منهم على ظن فاسد، وهو أن الملك ونحوه من الولايات مستلزم لشرف النسب وكثرة المال،فلهذا قال لهم نبيهم: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ} فلزمكم الانقياد لذلك {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} أي: فضله عليكم بالعلم والجسم، أي: بقوة الرأي والجسم اللذين بهما تتم أمور الملك،

لما تملَّك طالوت ببني إسرائيل واستقر له الملك تجهزوا لقتال عدوهم، فلما فصل طالوت بجنود بني إسرائيل وكانوا عدداً كثيراً وجمًا غفيرًا، امتحنهم بأمر الله ليتبين الثابت المطمئن ممن ليس كذلك فقال: {إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي} فهو عاص ولا يتبعنا لعدم صبره وثباته ولمعصيته {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ} أي: لم يشرب منه فإنه مني {إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} فلا جناح عليه في ذلك، ولعل الله أن يجعل فيها بركة فتكفيه،فعصى أكثرهم وشربوا من النهر الشرب المنهي عنه، ورجعوا على أعقابهم ونكصوا عن قتال عدوهم وكان في عدم صبرهم عن الماء ساعة واحدة أكبر دليل على عدم صبرهم على القتال الذي سيتطاول وتحصل فيه المشقة الكبيرة،ولكن رجع طالوت ومن آمنو معه وكان في رجوهم  عن باقي العسكر ما يزداد به الثابتون توكلا على الله، وتضرعا واستكانة وتبرؤا من حولهم وقوتهم، وزيادة صبر لقلتهم وكثرة عدوهم، فلهذا قال تعالى: {فَلَمَّا جَاوَزَهُ} أي: النهر {هُوَ} أي: طالوت {وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ} وهم الذين أطاعوا أمر الله ولم يشربوا من النهر الشرب المنهي عنه فرأوا… قلتهم وكثرة أعدائهم،
وكان أعدائهم هم طالوت وجنوده، فقاد طالوت الجيش الذين آمنو معه وتوجه لملاقاة أعدائه،وبقي مع طالوت عددٌ لا يزيد عن “314” مقاتل فقطع طالوت بهذه الفئة المؤمنة الشريعة، وعند مقابلتهم لجيش أعدائهم خاف جند طالوت وطلبوا من الله مساعدتهم، {قَالُوا} جميعهم {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} أي: قو قلوبنا، وأوزعنا الصبر، وثبت أقدامنا عن التزلزل والفرار، وانصرنا على القوم الكافرين من هاهنا نعلم أن جالوت وجنوده كانوا كفاراً، فاستجاب الله لهم ذلك الدعاء لإتيانهم بالأسباب الموجبة لذلك،

تواجه الفريقان، فخرج جالوت من بين صفوف جيشه طالباً المبارزة فلم يخرج أحدٌ من صفوف جيش طالوت لعلمهم بقوة جالوت وطغيانه، فنادى مرةً أخرى فلم يخرج أحدٌ لمبارزته، هنا تدخل الملك الصالح طالوت فقال لجيشه من يبارز جالوت ويقتله زوجته ابنتي، وجعلته قائداً للجيش، فخرج من بين الصفوف شاب صغير السن فقير الحال وكان هذا الشاب هو ” داوود عليه السلام” فاستغرب جنود طالوت كيف يستطيع هذا الشاب مبارزة جالوت، إلا أنّ داوود كان معتمداً على قوة إيمانه فقتله، وبذلك انتهت المعركة بانهزام جيش جالوت وانتصار جيش الملك طالوت، وما لبث أن أصبح داوود عليه السلام ملكاً على بني إسرائيل،كما جاء في سورة البقرة بقوله عزوجل:  {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ} عليه السلام، {وَآَتَاهُ اللَّهُ} أي: آتى الله داود {الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ} أي: منَّ عليه بتملكه على بني إسرائيل مع الحكمة، وهي النبوة المشتملة على الشرع العظيم والصراط المستقيم، ولهذا قال {وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} من العلوم الشرعية والعلوم السياسية، فجمع الله له الملك والنبوة، وقد كان من قبله من الأنبياء يكون الملك لغيرهم، فلما نصرهم الله تعالى اطمأنوا في ديارهم وعبدوا الله آمنين مطمئنين لخذلان أعدائهم وتمكينهم من الأرض، وهذا كله من آثار الجهاد في سبيله، فلو لم يكن لم يحصل ذلك فلهذا قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} أي: لولا أنه يدفع بمن يقاتل في سبيله كيد الفجار وتكالب الكفار لفسدت الأرض باستيلاء الكفار عليها وإقامتهم شعائر الكفر ومنعهم من عبادة الله تعالى،

Advertissement

‫0 تعليق