قصة الملكين هاروت وماروت الذين اتبعوا الشيطان وفعلوا الفاحشة

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!
Advertissement

تهدف القَصص القرآنيّ لتحقيق عدّة أمورٍ، فيما يأتي بيانٌ لبعضٍ منها: تحريك المشاعر والعواطف في القلوب، وإثارة الوجدان فيها، فتُصبح القلوب معلّقةً بين الخوف والرّجاء، فتتشوق النَّفس لِما أعدّه الله -سُبحانه- لمَن خضع له، وتخشع الجوارح له، فيزداد ويرسخ الإيمان في القلب. إثبات حقيقة الوحي والرسالة، وأنّ الإسلام حقٌّ، إذ إنّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أُميٌّ؛ لا يقرأ ولا يكتب، وإخبار القرآن عن أحوال وأخبار الأُمم السابقة بأدقّ التفاصيل يُثبت أنّ ما جاء به الرّسول كان وحياً من الله -سُبحانه-، القائل في بيان حال نبيّه: (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ). بيان وِحْدة الوَحْي؛ فقد جاء القرآن الكريم بمجموعةٍ من القَصص عن الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، ليُثبت أنّ الدِّين السماويّ الذي بعث الله به الأنبياء والمُرسلين واحدٌ، وخرج من مشكاةٍ واحدةٍ، تدعو إلى عقيدةٍ واحدةٍ، قال -تعالى-: (وَإِنَّ هَـذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)، ولكن سنقدم لكم قصة الملكين المذكورة في القرآن الكريم هاروت وماروت الذين اتبعوا الشيطان وفعلوا فاحشة الزنا وشربوا الخمر فقط تابعوا معنا:

من القصص التى وردت فى القرآن الكريم قصة الملكين «هاروت وماروت»، حيث يقول الله تعالى فى سورة البقرة فى الآية رقم 102: “وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِى الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ”،

وتقول القصة: إنه عندما نبذ اليهود كتابهم واتجهوا إلى السحرالشعوذة في زمن الملك سليمان عليه السلام، كانتِ الشياطين التي تعاونهم على السحر تصعدُ إلى الفضاءِ فتصلُ إلى السحابِ والغمام لتسترق السمعَ وتنقل أخبار الملائكة وأحاديثهم إلى كهنَتهم الكافرين، الذين يزعمون بأنهم يعلمون الغيبَ ويُخبرونهم بالمستقبل، ثمّ يقوم الكهنة بإدخال الكذبَ في أخبارهم وتدوينها في كتب حتى صاروا يقرأونها ويعلّمونها للناس، الذين ظنوا أنّ الجن والشياطين تعلم الغيب، فصاروا يقولون إنّ علم سليمان أيضاً لم يكتمل إلا بمساندتهم،

وقتها أنزل الله الملكين هاروت وماروت في أرض بابل ليُعلما الناس السحر لعدة أسباب كان أهمّها هو كسر احتكار الكهنة لهذا العلم، وأيضًا جاءا ابتلاءً من الله لهم، ثم للتمييز بين والمعجزة ومعرفة الفرق بين كلام الأنبياء عليهم السلام وكلام السحرة،

فنجد أن هاروت وماروت لم يُعلِّما أحدًا عِلمهما إلا نصحاه وقالا له: إنّنا ابتلاء من الله، وإنّ من تعلم علمنا واعتقده وعمل به فهو كافر خسر آخرته، ومن تعلَّمه ولم يمارسه فتوفي ثابتًا على الإيمان، جزاه الله بصبره على المعصية،

وقال عبد الرحمان السعدي وكذلك اتبع اليهودُ السحرَ الذي أُنزل على الملَكين، الكائنين بأرض ” بابل “، من أرض العراق، أنزل عليهما السحر؛ امتحاناً وابتلاءً من الله لعباده، فيعلمانهم السحر. ( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى ) ينصحاه، و ( يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ) أي : لا تتعلم السحر فإنه كفر، فينهيانه عن السحر، ويخبرانه عن مرتبته. فتعليم الشياطين للسحر على وجه التدليس، والإضلال، ونسبته، وترويجه، إلى مَن برَّأه الله منه، وهو سليمان عليه السلام، وتعليم الملكين امتحاناً مع نصحهما : لئلا يكون لهم حجة. فهؤلاء اليهود يتبعون السحر الذي تُعلِّمه الشياطين، والسحر الذي يعلمه الملكان، فتركوا علم الأنبياء والمرسلين، وأقبلوا على علم الشياطين، وكل يصبو إلى ما يناسبه. ثم ذكر مفاسد السحر فقال: “فيتعلمو منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه”، مع أن محبة الزوجين لا تقاس بمحبة غيرهما ؛ لأن الله قال في حقهما: “وجعل بينكم مودة ورحمة”، وفي هذا دليل على أن السحر له حقيقة، وأنه يضر بإذن الله، أي بإرادة الله، والإذن نوعان : إذن قدَري، وهو المتعلق بمشيئة الله، كما في هذه الآية، وإذن شرعي، كما في قوله تعالى في الآية السابقة: ” فإنه نزله على قلبك بإذن الله”،

لا يعلِّم هاروت وماروت السحر لأحد حتّى يحذّرانه، ويخبرانه أنّهما ابتلاء من الله، وأنّ من تعلم السحر وعمل به كَفر، ومن توقَى عمله ثبت على الإيمان، فيعلم هاروت وماروت الناس السحر الذي يفرق بين الزوجين، ويسبب لهما الخلاف والنزاع والنفار بينهم، فيتعلّم الناس ما يضرهم ويضر غيرهم، ولا ينفعهم بشيء في الآخرة، ولكن لا يستطيعوا أن يضروا أحداً إلا بإذنه سبحانه وتعالى، لأن السحر لا يؤثر بنفسه، بل بأمر الله ومشيئته بخلقه،

Advertissement

وهذا والله اعلم وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعبن، ،

‫0 تعليق