خروج مخلوقٍ غيبيٌّ لا نعلم الكثير من أوصافه

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!
Advertissement

عندما تبدأ شمسُ الدنيا بالأُفول، ويأذن الله لها بالرحيل، تتسابقُ العلامات البيّنة الدالة على قُرب النهاية واقتراب الآخرة، وتُسمّى عند علماء أهل الإسلام: “أشراط الساعه”، ومن بين تلك العلامات الكبيرة والمؤثّرة، خروج مخلوقٍ غيبيٌّ لا نعلم الكثير من أوصافه، سوى ما جاءت تسميته في النصوص الصحيحة”دابّةٌ من الأرض”.

وكما هو شأنُ المعتقدات جميعاً، والمأخوذة من اسمها: “عقيدة”، كان لابد من تثبيت الاعتقاد بصحّة خروج هذه الدابّة بنصوصٍ صحيحةٍ لا مجال لإنكارِها، حتى يصحّ اعتبارُها حقيقةً شرعيّة يلزمُ الإيمان بها والتصديق، خصوصاً وأن العقائد أخبارٌ، والأخبار لا تُثبت إلا بالدلائل الصحيحة الشرعيّة.

سنتعرف اليوم على صفات هذه الدابة وسبب خروجها إلى الارض ودلائلها في القران والسنة

تابعو معنا:

أولا : دلائل خروج الدابة من القرءان والسنة:

1-دليل القرأن الكريم:

جاءت الإشارة إلى هذه العلامة في آية واحدةٍ في القرأن أشارت بوضوح إليها وبيّنت الوقت التقريبي لحدوثها، وذلك في سورة النمل، حيث يقول الله جلّ جلالُه: {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون} (النمل:82).

بيّن المفسّرون في سياق كلامهم عن الآية الكريمة علاقتها بشرط خروج الدابة، وذكروا أن معنى الآية: وإذا أراد الله أن ينفذ في الكافرين سابق علمه لهم من العذاب أخرج لهم دابة من الأرض، وذلك حين ينقطع الخير، ولا يُؤمر بمعروف، ولا يُنهى عن منكر، ولا يبقى منيبٌ ولا تائب، بعد بموت العلماء، وذهاب العلم، ورفع القرآن، كما قال تعالى لنوح عليه السلام بعد طول الزمان، ومقاساة الشدائد والأحزان: {وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون} (هود:36).

يقول نجم الدين الطوفي في سياق شرحه لآية النمل: “هذه من غائبات القرأن الواجب وقوعها، ومن معجزات النبي –صلى الله عليه وسلم- وإخباره بالغائبات، التي لابد من وجودها”.

وقال ابن جزّي: ” إذا حان وقت عذابهم الذي تضمنه القول الأزلي من الله في ذلك وهو قضاؤه”.

ثم إن خروج الدابّة ومغايرَتها لحال الحيوانات من خلال حديثِها مع الناس حقيقٌ أن يجعلها من آيات الله الكبرى، ومن (البعض) الذي قال الله فيه: {هل ينظرون إلا أن تاتيهم الملائكة أو ياتي ربك أو ياتي بعض آيات ربك يوم ياتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا} (الأنعام:158).

2-الأدلة من السنّة:

ثمّة الكثير من الأحاديث الشريفة الثابتة عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، والتي ورد فيها ذكر هذه الدابة:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض) رواه مسلم.

ومن الأدلّة على كونِها من علامات الساعة الكبرى، حديث عبد الله بن عمرو، قال: حفظت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثا لم أنسه بعد، سمعته يقول: (إن أول الآيات خروجا، طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى، وأيهما ما كانت قبل صاحبتها، فالأخرى على إثرها قريبا) رواه مسلم

. وعن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه، قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في غرفة ونحن أسفل منه، فاطّلع إلينا، فقال: (ما تذكرون؟) ” قلنا: الساعة، قال: (إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف في جزيرة العرب والدخان والدجال، ودابة الأرض، ويأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، ونار تخرج من قعرة عدن) رواه مسلم.

وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: (تخرج الدابة فتَسِمُ الناس على خراطيمهم، ثم يغمرون فيكم، حتى يشتري الرجل البعير فيقول: ممن اشتريته؟ فيقول: اشتريته من أحد المخطّمين) رواه أحمد.

فهذه الدلائل الواضحات على أن خروج دابة الأرض ليس مجازاً من القول، ولا تهويلاً من الأخبار، فيجب الإيمان بها؛لأنا نعلم أنه حق وصدق، وإن لم نطلع على حقيقة معناه.

ثالثا صفات الدابة:

Advertissement

 عن أبي الزبير أنه وصف الدابة فقال : رأسها رأس ثور وعيناها عين خنزير و إذنها إذن فيل وقرنها قرن أيل وعنقها عنق نعامة وصدرها صدر أسد ولونها لون نمر وخاصرتها خاصرة هر وذنبها ذنب كبش وقوائمها قوائم بعير بين كل مفصلين إثنا عشر ذراعا يخرج معها عصا موسى وخاتم سليمان فلا يبقى مؤمن إلا نكتت في وجهه ولا يبقى كافر إلا نكتت في وجهه نكتة سوداء بخاتم سليمان فتفشو تلك النكتة حتى يسود لها وجهه حتى إن الناس يتبايعون في الأسواق بكم ذا يا مؤمن وبكم ذا يا كافر حتى إن أهل البيت يجلسون على مائدتهم فيعرفون مؤمنهم من كافرهم ثم تقول الدابة يا فلان أبشر أنت من أهل الجنة و يافلان أنت من أهل النار فذلك قول الله تعالى ( و إذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم )


رابعا عمل الدابة وسبب خروجها: عند خروج دابة الأرض العظيمة من موطنها فإنها ستوسم المؤمن والكافر، فأما المؤمن يُستدل عليه وعلى إيمانه من وسم جبينه المضيء، بينما توسم الدابة علامة على أنف الكافر للدلالة على كفره وظلمه حتى يفتضح ويتبين أمره، وكما ورد في قول الله تعالى: (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ) [النمل: 82]. ومعنى هذه الآية ما يأتي: القول الأول: ستخاطب الدابة وتكلم الناس، ويستدل على ذلك ما ورد في قراءة أبي بن كعب بأنّها (تكلمهم). القول الثاني: تجرحهم ويستدل على ذلك قراءة كلمة (تَكْلمهم) بفتح حرف التاء وسكون حرف الكاف، أي أنّ أصل الكلمة من الكلم الذي يعني الجرح، وهذه من القراءات التي وردت عن ابن عباس أي تسمهم وسماً، وهذا القول ورد في حديث أبي أمامة السابق عندما قال: (دابة الأرض تخرج فتسم الناس على خراطيمهم).

‫0 تعليق