اعمال تعادل ثواب الحج او العمرة

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!
Advertissement

إن السفر إلى بيت الله الحرام، يحتل في كل قلب كل موحد، مقاما عظيماً، وشوقاً عارماً رهيباً، ويبلغ به اللهف والحنين أشده مع إطلالة هلال ذي الحجة، حينها يكون قد حان موسم المؤتمر الإسلامي الأعظم للمسلمين -الحج- يدفعه لذلك ما أعد الله -عز وجل- للحاج من الأجر العظيم، والنعيم المقيم، جاءت بذلك الآثار، وتواترت به الأخبار.

فعن أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قال سُئِلَ النبي -صلى الله عليه وسلم- ((أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟، قال: إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، قِيلَ ثُمَّ مَاذَا؟ قال: جِهَادٌ في سَبِيلِ اللَّهِ، قِيلَ ثُمَّ مَاذَا؟ قال: حَجٌّ مَبْرُورٌ)).

وجاء عن عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ -رضي الله عنها- أنها قالت: يا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- “نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ أَفَلَا نُجَاهِدُ؟ قال: ((لَا، لَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ)).

وثبت عن أَبَي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قال سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من حَجَّ لِلَّهِ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ))، ورواه مسلم بلفظ ((من أتى هذا البيت  فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه)).

وأيضاً روى أبو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الْعُمْرَةُ إلى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ ليس له جَزَاءٌ إلا الْجَنَّةُ)).

وصح عَنْه أيضاً قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ((وَفْدُ اللَّهِ ثَلاثَةٌ: الْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ وَالْغَازِي)).

وعن عُمَرَ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((تَابِعُوا بين الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فإن الْمُتَابَعَةَ بَيْنَهُمَا تَنْفِي الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كما يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ والذهب والفضة وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة)).

ولكن أنىّ للمرء أن يحج كل عام! أو يقصد مكة في كل سنة؛ لتأدية مناسك ومشاعر الحج.

ولذا كان فإن من نعم الله العظيمة، وكرائمه النفيسة على عباده، أن هيأ لهم بعض الأعمال الصالحة، وجعل ثوابها كثواب الحج والعمرة، وقد وردت بهذا بعض الأحاديث المرفوعة والموقوفة والمقطوعة خمسة أعمال تعادل ثواب الحج والعمرة.

تابعو معنا:

أولاً: نيَّة الحج والعُمرة نيَّة خالصة صادقة لله تعالى:

فالمسلم عندما ينوي الحجَّ بنيَّة صادقة خالصة، ولم يذهبْ بعُذْرٍ، فإنَّ الله تعالى يكتب له أجْرَ الحَج؛ فعندما رجَعَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غزوة تبوك، ودنا من المدينة، قال: “إنَّ بالمدينة لرجالاً ما سِرْتُم مسيرا، ولا قطعْتُم وادِيًا إلاَّ كانوا معكم؛ حَبَسَهُم المَرَضُ”. وفي رواية: “حَبَسَهم العُذْرُ”. وفي رواية: “إلاَّ شَارَكُوكم في الأجْرِ”. رواه البخاري من رواية أنس، ورواه مسلم من رواية جابر، واللفظ له.

هؤلاء الذين وصفَهم الله -جل وعلا- بقوله: (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ)

وفي الحديث عن أَبي كَبْشة عمرو بن سعد الأَنْماري -رضي الله عنه- أنَّه سَمِع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “ثلاثة أُقسمُ عليهنَّ، وأُحَدِّثُكم حديثًا فاحْفَظوه : ما نَقَصَ مالُ عَبْدٍ مِن صَدَقةٍ، ولا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمة صبَرَ عليها، إلاَّ زَادَه الله عِزًّا، ولا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسألةٍ إلاَّ فتَحَ الله عليه بابَ فَقْرٍ -أو كلمة نحوها-

وأُحَدِّثُكم حديثًا فاحْفَظوه، قال: إنَّما الدنيا لأربعةِ نَفَرٍ:

عَبْد رَزَقَه الله مالاً وعِلمًا، فهو يَتَّقِي فيه رَبَّه، ويَصِل فيه رَحِمَه، ويَعْلَمُ لله فيه حَقًّا، فهذا بأفضَلِ المنازل،

وعَبد رَزَقه الله عِلْمًا، ولَمْ يَرْزُقْه مالاً، فهو صادِقُ النِّيَّة، يقول: لَوْ أنَّ لِي مالاً، لَعَمِلتُ بِعَمَلِ فُلانٍ، فهو بنيَّتِه، فأجْرُهما سَوَاءٌ،

وَعَبْد رَزَقَه الله مالاً، ولَمْ يرْزُقْه عِلْمًا، فهو يَخْبِط في مَاله بغَير عِلْمٍ، لا يَتَّقِي فيه رَبَّه، ولا يَصِل فيه رَحِمَه، ولا يعْلَم لله فيه حقًّا، فهذا بأَخْبَثِ المنازِل،

وعَبْد لَمْ يَرْزُقْه الله مالاً ولا عِلْمًا، فهو يقول: لَوْ أنَّ لِي مالاً، لَعَمِلْتُ فيه بعَمَلِ فُلاَنٍ، فهو بنِيَّتِه، فوِزْرُهما سَوَاءٌ”. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

فهنيئًا لكلِّ مَن أخْلَص نيَّته لله تعالى وفاز بأجْر الحَج والعُمرة.

ثانيا:  ذكر الله سبحانه وتعالى دبر كل صلاة مكتوبة.

فقد روى البخاري بسنده عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: “جاء الفقراء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: يا رسول الله! ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلى والنعيم المقيم، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل أموال يحجون بها، ويعتمرون، ويجاهدون، ويتصدقون، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ألا أحدثكم بما لو أخذتم به لحقتم من سبقكم، ولم يدرككم أحد بعدكم، وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله: تسبحون، وتحمدون، وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثاً وثلاثين))، وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قلنا: “يا رسول الله! ذهب الأغنياء بالأجر يحجون ولا نحج، ويجاهدون ولا نجاهد، وبكذا وبكذا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ألا أدلكم على شيء إن أخذتم به جئتم بأفضل ما يجيء به أحد منهم: تكبروا الله أربعاً وثلاثين، وتسبحوه ثلاثاً وثلاثين، وتحمدوه ثلاثاً وثلاثين في دبر كل صلاة)) فليهنك الأجر فهذا مما يعوض من عجز عن الذهاب إلى البيت بعذر، فيستطيع أن يصل إلى رب البيت بالتقرب بهذا العمل، وهو ذكر الله سبحانه وتعالى دبر الصلوات المكتوبة.

ثالثا: التطهر في البيت ثم الخروج إلى أداء صلاة مكتوبة له ثواب الحجة، والخروج إلى صلاة الضحى له ثواب العمرة:

جاء من حديث أبي أمامة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إلى ‏‏تسبيح ‏الضحى لا ‏‏ينصبه ‏ ‏إلا إياه فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على أثر صلاة لا لغو بينهما ‏‏كتاب ‏في ‏عليين))

أما  قوله -صلى الله عليه وسلم- ((فأجره كأجر الحاج المحرم)) له ثلاثة تفسيرات:

الأول: أي كامل أجره، بأن يأخذ ثواب الحاج المحرم.

الثاني: أي كأجر الحاج المحرم من حيث أخذه ثواباً على كل خطوة يخطوها، فالماشي إلى المسجد والحاج كلاهما لهما ثواب على كل خطوة يخطوهما، وإن اختلف الثواب بينهما.

الثالث: أنه مثل الحاج المحرم من حيث أن له ثوابَ الصلاة من أول خروجه من بيته حتى عودته، وإن لم يكن يصلي في كل الوقت، كما أن للحاج ثوابَ الحج من أول خروجه إلى عودته، وإن لم يكن في شعائر الحج طوال هذه الفترة.

-وعن قوله: ((تسبيح الضحى)) فإنه يقصد بها صلاة الضحى.

– وقوله: ((ينصبه)) بفتح الياء أي يتعبه، وبفتحها أي يقيمه.

– كما ذهب بعض العلماء إلى استحباب صلاة الضحى في المسجد أخذاً بهذا الحديث، وعدوها من الاستثناءات في أفضلية صلاة التطوع في المنزل، وذهب آخرون إلى عدم ذكر المسجد في الحديث فتحصل الفضيلة بأدائها في أي مكان.

رابعا : صلاة الصبح في جماعة ثم الجلوس في المصلى لذكر الله إلى طلوع الشمس ثم صلاة ركعتين:

لما رواه الترمذي وحسنه الألباني من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ‏من صلى ‏ ‏الصبح ‏ ‏في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة ‏ ‏تامة تامة تامة).

ومعنى الحديث أن من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله بتلاوة القرآن أو مدارسة العلم الشرعي أو الذكر إلى وقت الشروق ثم بعد ذلك صلى ركعتي الضحى بعد الشروق باثنتي عشر دقيقة -كما ضبطها الفلكيون-، وله أن يصليها خارج المسجد إلى ما قبل الظهر بسبع دقائق كان له هذا الأجر العظيم.

هذا وقد أفتى الشيخ ابن باز بأن المرأة التي تصلي في بيتها منفردة ثم تقعد تذكر الله في مكان صلاتها أن لها نفس الأجر لأنها لا يجب عليها الجماعة.

Advertissement

خامسًا :  الخروج إلى المسجد لتعلم العلم أو تعليمه:

لما روي من حديث أبي إمامة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيراً أو يعلمه، كان له كأجر حاج تاماً حجته))

إذا فإن من رحمة الله -عز وجل- على عباده أن جعل لهم موسم عشر ذي الحجة، اتعاضاً لمن حال بينه وبين الحج المشاق، وظروف الحياة.

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في لطائف المعارف:”لما كان الله سبحانه وتعالى قد وضع في نفوس المؤمنين حنيناً إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كل أحد قادراً على مشاهدته في كل عام، فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره، وجعل موسم العشر مشتركاً بين السائرين والقاعدين، فمن عجز عن الحج في عام قدر في العشر على عمل يعمله في بيته”

‫0 تعليق