كيفية الثبات في عصر الفتن

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!
Advertissement

الواقع الذي نعيشه اليوم للأسف الشديد انتشرت فيه الفتن، وراجت فيه سوق البِدَع، وكثر التخبُّط والحيرة، ولا ندري ما تحمله لنا الأزمان القادمة فلا يعلم بها إلا الله؟!!


فقد انتشرت فتن الخلافات بين المسلمين وتنافرهم فيما بينهم؛ فتمكَّنت الفتن من تمزيق النسيج الإسلامي والعربي، وقطعت أواصر المحبة ولُحمة الدين، وتخاصَمَ وتناحَرَ أصحاب العقيدة الواحدة والنسيج الواحد، ولا حول ولا قوة إلا بالله!! وغذَّتها فتن متتابعة من بعض وسائل الإعلام المضلِّل وفتن الإنترنت والفضاء المفتوح والانفتاح الكامل على العالم من حولنا في وسائل التواصل الاجتماعي ، كلٌّ يكتب ما يريد وينشر ما يريد، دون وازعٍ من ضمير يردعه إلا مَن رحم الله، يُحرِّض على الفُرقة ويُأجِّج الفتنةَ وينفخ في الرماد ليصبح نارًا ستحرق الجميعَ حتى مَن أوقدها نفسَه، نسأل اللهَ العفو والعافية.
ويعدُّ انتشار البِدَع من الفتن التي نحتاج فيها إلى الاستعانة بالله تعالى، ونسأله الثبات على الدين القويم، وأن يُبصِّرنا بالحق المبين.
فيجب على كل مسلم الحرص على سلامته وسلامة أسرته وأهله من الانسياق وراء الفتن أو البدع، فيقوم بدور الناصح الأمين لإخوانه من حوله، ويوضح لهم خطورة ذلك حتى يفطن الجميع إلى مواطن ضعفِ الأمة وتفرُّقِها؛ فيمكننا جميعًا القضاء على الفتن والبدع بتجاهلها وتمسُّكنا بثوابت عقيدتنا العظيمة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
والتحذير من الوقوع في الفتن والحث على الثبات من الأمور التي اهتمَّت بها الشريعة الإسلامية اهتمامًا بالغًا؛ فيوصينا الله تعالى بضرورة الاتباع والثبات على دينه والاستقامة على الحق، وعدم التفريط في ذلك، قال الله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153]. وقال تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27].
وجاءت السنة النبوية بأحاديث عديدة تحثُّ على التمسُّك بالسنة، ونبذ البِدَع فهي من الفتن، والحذر منها، وعدم الوقوع فيها؛ فعَنِ العِربَاضِ بن سَارِيَةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ” [رواه أبو داود وصححه الألباني].
وكذلك أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرورة الاستعاذة بالله من الفتن؛ فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يومًا لأصحابه: “تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ” فَقَالُوا: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.
وحذَّرنا من السعي فيها؛ فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سَتَكُونُ فِتَنٌ القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ، وَالقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ المَاشِي، وَالمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ” [رواه البخاري ومسلم].
وسُبل النجاة من ظلمة الفتن وشرِّها تتلخص في:
التزوُّد بالإيمان، والتسلُّح بالتقوى، وملازمة الاستقامة على الطاعة، والمسارعة إلى العمل الصالح، وبها يتذوَّق العبد حلاوةَ الإيمان ويكافئه الله بالثبات.
ومنها: طلب الهداية إلى صراط الله المستقيم، والثبات، والاستقامة، وكثرة ذكره سبحانه؛ فعن شدَّاد بن أوس رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه سلم: “يَا شَدَّادُ بْنَ أَوْسٍ، إِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ قَدِ اكْتَنَزُوا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، فَاكْنِزْ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ” [صحَّحه الألباني].
ومن طرق النجاة التي تعصم من الوقوع في الفتن:
الصبر على أمر الله وأقداره وابتلائه؛ فعن أبي ثَعلبة الخُشَني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ، الصَّبْرُ فِيهِنَّ كَقَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهَا أَجْرُ خَمْسِينَ”، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَمْسِينَ مِنْهُمْ أَوْ خَمْسِينَ مِنَّا؟ قَالَ: “خَمْسُونَ مِنْكُمْ”. [صححه الألباني].
وكذلك مِن سُبل النجاة الحرصُ على مصاحبة الصالحين من أهل الاستقامة، وترك مصاحبة أهل الأهواء؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ” [وحسَّنه الألباني في صحيح أبي داود].
فأوصيكم ونفسي بالثبات في زمن الفتن والمتغيرات، والتمسك بحبل الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ونسأله تعالى النجاة من هذه الظلمات، وأن يُجنِّبَنا الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم إنّا نسألك الثبات في زمنٍ كثُرت فيه الفتن، وارفع اللهم الابتلاءات والنقم عن بلاد الإسلام والمسلمين..

Advertissement

‫0 تعليق